الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

طــرق تنصـــيب الحاكــم في الإســـلام

طــرق تنصـــيب الحاكــم في الإســـلام

طــرق تنصـــيب الحاكــم في الإســـلام يتــمّ بإحــدى الطّــرق التّــالية: ---------------------------------------
    الطّـــــــريق الأوّل: الاختيار والبيعة من أهل الحلّ والعقد        الطّريق الثّــــــاني: ثبوت البيعة بتعيين وليّ العهد
    
الطّريق الثّالث: ثبوت البيعة بتعيين جماعة تختار وليّ العهد          الطّــريق الرّابـــــع: ثبوت البيعة بالقوّة والغلبة والقهر
( ملحوظة: هذه الطرق ذكرها الشيخ فركوس في بحث له بعنوان "طرق تنصيب إمام المسلمين وتقرير وجوب الطاعة وبذل النصيحة" )
التفصيل:-
الطّريق الأوّل: الاختيار والبيعة من أهل الحلّ والعقد --------------------------------------------------
    أهل الحلّ والعقد من قادة الأمّة الذين يتمتّعون بالعلم والرّأي والمشورة والتّوجيه مخوَّلٌ لهم اختيار إمام المسلمين -نيابةً عن الأُمَّة - وَفْق شـروطِ ومعاييرِ الإمامة الكـبرى، فإذا ما بايعه أهل الحلّ والعقد ثبتت له بذلك ولاية الإمام الأعظم، ولزمت طاعتُه، وحَرُمت مخالفتُه فيما يأمر به وينهى بالمعروف، وليس من شروط ثبوت الإمامة والطّاعة أن يكون كلُّ مسلم من جملة المبايعين له، وإنّما تلزم بيعةُ أهل الحلّ والعقد كلَّ واحدٍ ممّن تَنْفُذُ فيه أوامره ونواهيه، لأنّ المسلمين أمّةٌ واحدةٌ وجسدٌ واحدٌ، تجمعهم الأخوّة الإيمانية وتربطهم العقيدة الإسلاميّة،------------------------------------------------------
    وهم في الحقوق والحرمات سواءٌ لقوله r: ) الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِـدِهِمْ، لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَـافِرٍ، وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ ( ]أخرجه أبو داود في «الجهاد» باب في السريّة تردّ على أهل العسكر (2751) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، وصحّحه الألباني في «إرواء الغليل» (7/ 266) رقم (2208)[. ---------------------------------------------------
    قال الشّوكانيّ -رحمه الله-:
] طريقها أن يجتمع جماعةٌ من أهل الحلّ والعقد فيعقدون له البيعة ويقبل ذلك، سواء تقدّم منه الطّلب لذلك أم لا، لكنّه إذا تقدّم منه الطّلب فقد وقع النّهي الثّابت عنه r عن طلب الإمارة من حديث عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي r: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا،[ [أخرجه البخاري في «الأحكام» (7146)، ومسلم في «الأيمان» (1652)] . ---------
    فإذا بويع بعد هذا الطّلب انعقدت ولايتُه وإن أَثِمَ بالطّلب، هكذا ينبغي أن يقال على مقتضى ما تدلّ عليه السّنّة المطهّرة، والحاصل أنّ المعتبر هو وقوع البيعة له من أهل الحلّ والعقد، فإنّها هي الأمر الذي يجب بعده الطّاعةُ ويَثْبُتُ به الولاية وتحرم معه المخالفة، وقد قامت على ذلك الأدلّة وثبتت به الحجّة ... قد أغنى الله عن هذا النّهوض وتجشُّم السّفر وقطع المفاوز ببيعة من بايع الإمامَ من أهل الحلّ والعقد، فإنّها قد ثبتت إمامته بذلك ووجبت على المسلمين طاعتُه، وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يبايعه كلّ من يصلح للمبايعة، ولا من شرط الطّاعة على الرّجل أن يكون من جملة المبايعين، فإنّ هذا الاشتراط في الأمرين مردودٌ بإجماع المسلمين: أوّلهم وآخرهم، سابقهم ولاحقهم» ](السيل الجرّار- للشوكاني -4/ 511-513)[.
    وبهذا الطّريق تمّت مُبَايَعة أبي بَكرٍ الصّـدّيق ط، فثبتت خلافته بالبيعة والاخـتيار في سقيفة بني ساعـدة،
قال القرطبيّ-رحمه الله-:
) وأجمعت الصّحابة على تقديم الصّدّيق بعد اختلافٍ وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة في التّعيين (  ]«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (1/ 264)[.
قال الإمام الماوردي- رحمه الله-:
) اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم، على مذاهب شتى. فقالت طائفة: لا تنعقد إلا بجمهور أهل الحل والعقد  من كل بلد، ليكون الرضا به عاماً، والتسليم لإمامته إجماعاً، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة باختيار من حضرها، ولم ينتظر ببيعته قدوم الغائب عنها (.الاحكام السلطانية لابي الحسن الماوردي كان من وجوه فقهاء الشافعية، له مصنّفات كثيرة.[
الطّريق الثّاني: ثبوت البيعة بتعيين وليّ العهد  ------------------------------------------------------
    وذلك بأن يعهد وليّ الأمر إلى من يراه أقدر على مهمّة حماية الدّين وسياسة الدّنيا، فيخلفه مِن بعدِه، فإنّ بيعته على الإمامة تلزم بعهدِ مَن قبله، كمثل ما وقع مِن عهدِ أبي بكرٍ ط لعمر ط، فإنّ الصّدّيق ط لمّا حضرتْه الوفاة عَهِد إلى عمر ط في الإمامة، ولم ينكر ذلك الصّحابة ن ، وقد اتّفقت الأمّة على انعقاد الإمامة بولاية العهد، وقد عَهِدَ معاوية ط إلى ابنه يزيد وغيرهم، ويدلّ عليه أنّ رسول الله r أعطى الرّاية يوم مؤتة زيد بن حارثة وقال: «فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ» ](أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 204)، من حديث عبد الله بن جعفر. وصحّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ«مسند أحمد» (3/ 192)، والألباني في «أحكام الجنائز» (209)[.
    فاستُشهدوا جميعًا، ثمّ أخذها خالد بن الوليد ولم يكن رسول الله r تقدّم إليه في ذلك، والحديث دلّ على وجوب نصب الإمام والاستخلاف، قال الخطّابيّ: «فالاستخلاف سنّةٌ اتّفق عليها الملأ من الصّحابة، وهو اتّفاق الأمّـة لم يخـالف فيه إلاّ الخـوارج والمـارقة الذين شقّوا العصا وخـلعوا ربقة الطّاعة»]معالم السنن للخطّابي (مع سنن أبي داود) (3/ 351)[.
الطّريق الثّالث: ثبوت البيعة بتعيين جماعة تختار وليّ العهد --------------------------------------------
    وذلك بأن يعهد وليّ الأمر الأوّل إلى جماعةٍ معدودةٍ تتوفّر فيها شروط الإمامة العظمى، لتقوم باختيار وليّ العهد المناسب فيما بينهم يتوالَوْن عليه ويبايعونه، كمثل ما فعل عمر بن الخطّاب ط، حيث عَهِدَ إلى إلى الستة الباقيين من العشرة المفضلين وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهم، فاختاروا من بينهم أفضلهم عثمان بن عفان ط فبايعوه ولزمت بيعته لجميع المسلمين. -----------------------------------------------
قال الخطّابيّ-رحمه الله-:
)  ثمّ إنّ عمر لم يُهملِ الأمر ولم يُبطلِ الاستخلاف، ولكنْ جعله شورى في قومٍ معدودين لا يعدوهم، فكلّ من أقام بها كان رضًا ولها أهلاً، فاختاروا عثمان وعقدوا له البيعة، ثمّ لمّا استُشهد عثمان بايعوا عليًّا ل (  ]معالم السنن للخطّابي (مع سنن أبي داود) (3/ 351)[.
الطّريق الرّابع: ثبوت البيعة بالقوّة والغلبة والقهر ----------------------------------------------------
    إذا غلب على النّاس حاكمٌ بالقوّة والسّيف حتّى أذعنوا له واستقرّ له الأمر في الحكم وتمّ له التّمكين، صار المتغلّبُ إمامًا للمسلمين وإن لم يستجمع شروط الإمامة، وأحكامُه نافذةٌ، بل تجب طاعته في المعروف وتحرم منازعته ومعصيته والخروج عليه قولاً واحدًا عند أهل السّنّة، ذلك لأنّ طاعته خيرٌ من الخروج عليه، لِما في ذلك من حقن الدّماء وتسكين الدّهماء، ولِما في الخروج عليه من شقّ عصا المسلمين وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم وتسلُّطِ أعداء الإسلام عليهم. ---------
    قال الإمام أحمد -رحمه الله-:
) ومن خرج على إمامٍ من أئمّة المسلمين وقد كان النّاس اجتمعوا عليه وأقرّوا له بالخلافة بأيّ وجهٍ كان بالرّضا أو الغلبة؛ فقد شقّ هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله r، فإن مات الخارج مات ميتة جاهليّة، ولا يحلّ قتال السّلطان ولا الخروج عليه لأحدٍ من النّاس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السّنّة والطّريق.[  ]المسائل والرسائل للأحمدي (2/ 5)[. ----------------------------------------------------------
   فهذه هي الطّرق التي تثبت بها الإمامة الكبرى فتنعقد بالاختيار والاستخلاف سواء بتعيين وليِّ عهدٍ مستخلَفٍ أو بتعيين جماعةٍ تختار من بينها وليّ عهد، وهما طريقان شرعيّان متّفقٌ عليهما، فإذا بايعه أهل الحلّ والعقد بالاختيار لزمت بيعتُهم سائرَ من كان تحت ولايته، كما تلزمهم البيعةُ الحاصلة بالاستخلاف، وكذا المنعقدة عن طريق القهر والغلبة، فالبيعة حاصلةٌ على كلّ أهل القطر الذي تولّى فيه الحاكم المستخلَف أو المتغلّب ممّن يدخلون تحت ولايته أو سلطانه. --------------------
      أمّا انعقاد الولاية أو الإمامة العظمى بأساليب النُّظُم المستوردة (الانتخابات) الفاقدة للشّرعيّة الدّينيّة - فبغضّ النّظر عن فساد هذه الأنظمة وحكمِ العمل بها- فإنّ منصب الإمامة أو الولاية يثبت بها ويجري مجرى طريق الغلبة والاستيلاء والقهر، وتنعقد إمامة الحاكم وإن لم يكن مستجمِعًا لشرائط الإمامة، ولو تمكّن لها دون اختيارٍ أو استخلافٍ ولا بيعةٍ. ---
    قال النّوويّ-رحمه الله-:
} وأمّا الطّريق الثّالث فهو القهر والاستيلاء، فإذا مات الإمام، فتصدّى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلافٍ ولا بيعةٍ، وقهر النّاس بشوكته وجنوده، انعقدت خلافتُه لينتظم شملُ المسلمين، فإن لم يكن جامعًا للشّرائط بأنْ كان فاسقًا أو جاهلاً فوجهان، أصحُّهما: انعقادها لما ذكرناه، وإن كان عاصيًا بفعله، وعليه تلزم طاعتُه ولو حصل منه ظلمٌ وجَوْرٌ، ولا يطاع إلاّ في المعروف دون المعصية؛ لقوله r: "إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ"( . ]روضـة الطالبين للنووي (10/ 46)[.
    وَقَالَ موفق الدين بن قُدامة: ) وجُملة الأمر أن من اتفق المسلمون عَلَى إمامته، وبيعته، ثبتت إمامته ووجبت معونته لِمَا ذكرنا من الحديث والإجماع، وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النَّبِي د أو بعده إمام قبله إليه فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة عَلَى بيعته، وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، وأجمعَ الصحابة عَلَى قبوله، ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله، والخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج عَلَى ابن الزبير، فقتله واستولى عَلَى البلاد وأهلها حتَّى بايعوه طوعًا وكرهًا، فصار إمامًا يَحرم الخروج عليه، وذلك لِمَا فِي الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالِهم... فمن خرج عَلَى من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيًا وجب قتاله. ( ] المغني (9/5)[.



^^^^^

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More