الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

الـحـــل للخـــروج مـما نــحن فيـــه من فتن المظاهرات والثورات؟

/ الـحـــل للخـــروج مـما نــحن فيـــه من فتن المظاهرات والثورات؟  /

    ` قبل أن نعرض الحل فلابد من معرفة الخلل: فقد قال معاذ بن جبل ط: ) إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما يقول ذلك ثلاث مرات (.]صحيح الترمذي (صحيح المشكاة 6231)[.
فالخلل عندنا لما ابتعدنا عما شرعه الله لنا، والحل في الاعتصام بالكتاب والسُنَّة، فقال عمر بن الخطاب ط ) نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله (.
    فليس من الإنصاف إن نقول أن الخطأ والخلل في الحكام فقط وَنُبَرِئ الشعب، لا.. بل يقع الخطأ من الحكام والمحكومين، فالحاكم والحكومة مرآة الشعب إن صلح الشعب أصلح الله الحاكم، وإن فسد الشعب أفسد الحاكم، ولم يكن الحل هنا هو تغيير المرآة..لا بل الحل هو إصلاح الشعب، قال الله تعالى: ) إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ .(
    قال ابن القيم –رحمه الله- ) وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم، فإن استقاموا استقامت ملوكهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم، وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك،  وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها؛ منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق وبحلوا بها عليهم، وإن اخذوا ممن يستضعفونه مالا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك مالا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكلما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة. فعمالهم ظهرت في صور أعمالهم...
     وليس في الحكمة الإلهية أن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم، ولما كان الصدر الأول خيار القرون وابرها كانت ولاتهم كذلك فلما شابوا شابت لهم الولاة فحكمه الله تأبى ان يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز فضلا عن مثل أبي بكر وعمر بل ولاتنا على قدرنا وولاة من قبلنا على قدرهم وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها ( ] "مفتاح دار السعادة"(2/177 ، 178)[.
    ولما كان الحجاج طاغياً في رعيته وظالماً، قال الحسن البصري للذين أرادوا الخروج عليه: ) إن الحجاجَ عذابُ اللهِ، فلا تدفعوا عذابَ اللهِ بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانةِ والتضرعِ، فإنه تعالى يقول: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ .( (المؤمنون:76) ]الطبقات لابن سعد (7/164) بإسناد صحيح .[ 
    قال الله تعـالى: ) وَكَـذلِكَ نُـوَلِّي بَعْـضَ الظَّـالِمِـينَ بَعْضـاً بِمَـا كَانُـواْ يَكْسِـبُونَ ( (الأنعام 129).
قال الأعمش في تفسيرها أي: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم!!.
    وقال ابن تيمية: ) إن مصير الأمر إلى الملوك ونُوَّابهم من الولاة، والقضاة والأمراء، ليس لنقص فيهم فقط، بل لنقص في الراعي والرعية جميعا فإنه "كما تكونون يول عليكم" وقال الله تعالى: "وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً" (. ]مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 20/35[.
    وقال النبي r: ) يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاً فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ( ]صحيح سنن ابن ماجة (9/19)[.
        قال عبدالله بن مسعود ط: يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله الذي أمر به, وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة هو خير مما تستحبون في الفرقة.
    قال الحسن البصري-رحمه الله- ) اعلم عافاك الله أنّ جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى لا تلاقَى بالسّيوف وإنما تُتّقى وتُستدفع بالدّعاء والتّوبة و الإنابة و الإقلاع عن الذنوب، وإنّ نقم الله متى لُقيت بالسّيف كانت أقطع ( ] آداب الحسن البصري لابن الجوزي ص (116)[ . وقال الحسن البصري أيضاً: ) ولقد حدّثني مالك بن دينار أنّ الحجّاج كان يقول: اعلموا أنّكم كلّما أحدثتم ذنباً أحدث الله في سلطانكم عقوبة . (
وقال الحسن البصري أيضاً: ) ولقد حُدّثْتُ أنّ قائلا قال للحجّاج : إنك تفعل بِأمّة رسول الله r كيتَ وكيت! فقال: أجل إنما أنا نقمة على أهل العراق لمّا أحدثوا في دينهم ما أحدثوا و تركوا من شرائع نبيهم r ما تركوا .(
    وبعد هذا نقول إن إصلاح الحكومات مهم وضروري ونحن نطالب به ولكن بطريقة شرعية لا ديمقراطية، ولكنه رغم ذلك لن يُحدث تغييراتٍ كبيرةً إلا إذا استند إلى إصلاح الشعوب.
    يروى أن رجلاً سأل على بن أبي طالب ط: ) لماذا كان الناس في عهد أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في أمن واستقرار وفي عهدك اختلفوا وتفرقوا فقال الإمام على ما معناه "لأن رجالهم كانوا مثلي أما الآن فإن رجالي مثلك (.
     قال الطرطوشى-رحمه الله- في "سراج الملوك": ) لم أزل أسمع الناس يقولون (أعمالكم عمالكم) ، (كما تكونوا يولى عليكم) إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) وكان يقال: ما أنكرتَ من زمانك، فإنما أفسده عليكَ عملك (
    وقال عبد الملك بن مروان: ) ما أنصفتمونا معشر الرعية! تريدون منا سيرة أبى بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم بسيرتهما ؟( ! ]سراج الملوك للطرطوشي[.
    وكتب أخ لمحمد بن يوسف يشكو إليه جور العمال، فكتب إليه محمد بن يوسف: بلغني كتابك وما أنتم فيه، وليس ينبغي لمن يعمل المعصية أن ينكر العقوبة، ولم أر ما أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب، والسلام.
    فقد صح ما قالته الحكماء (الناس بملوكهم أشبه منهم بزمانهم)
    وصدق الله
U إذ يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ

    ` وبعد معرفة الخلل لابد من علاجه: وهو بإصلاح أنفسنا نحن أفراد الشعب أولاً؛ لأن إصلاح الواقع يتطلب إصلاح الشعوب أولا وإلا فإن أي تغييرات تحدث في الحكومات لن تأتي بثمار طيبة كثيرة إذا كان واقع الناس كما هو لم يتغير، لأن الانحراف موجود في الشعب أفراداً وأسراً وأحزاباً وجماعات وقبائل وشعوباً ويمارسونه في عقائدهم وحياتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فالشرك وعبادة القبور والأشخاص موجود والبدعة منتشرة وظهر الفساد في البر والبحر والتعصب العرقي بكافة أنواعه موجود، والمصالح الشخصية تؤثر بدرجة كبيرة، وكثيراً ما تكون مناهجنا في تربية أبنائنا بعيدة عن المبادئ الإسلامية، ولا يهتم كثير منا ببناء التعاون الإسلامي... إلخ،
    وإذا لم ننجح بإصلاح أنفسنا وإيجاد أفراد صالحين وأسر سعيدة وعمال نشطين وتجار أُمناء ومدرسين مُخلصين وطلبة جادين فإننا لن ننجح في إيجاد حكومات عادلة ومُخلصة.
وعلى الشعوب التوبة من الذنوب، فقد قال حيلان بن فروة " يُبعث على الناس ملوك بذنوبهم".
وقال عمر بن عبد العزيز ط "أيها الناس أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم".

^^^^^

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More