الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

مقدمة كتاب " القول الحاكم في حرمة الخروج على الحاكم "

b
 مقدمة كتاب " القول الحاكم في حرمة الخروج على الحاكم
/ ظ /
الحمـد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعـين . أما بعد
    يا طالب الحق .. اعلم رحمني الله وإياك أن ما يحدث في البلاد العربية وبالأخص مصرنا الحبيبة من مظاهرات واعتصامات ومنازعة الأمر أهله كل هذا مخالف لعقيدة أهل السُنةِ والجَماعة التي فرضها الله ورسُوله r وسار على نهجها الصحابة واعتقدوها، ومن بعدهم السلف الصالح، وصاروا ينقلونها جيل بعد جيل إلى يومنا هذا .
    ونظراً لما حَدثَ في هَذهِ الأيام مِنْ هَرجٍ ومَرجٍ وسفكٍ للدماء، وظهور دعاة التضليل والتمييع فَيُهَيِّجُونَ العوام على حُكَّامِهم ويدفعونهم إلى الهلاك بدعوتهم الباطلة إلى الخروج في المظاهرات والاعتصامات بدعوى أنهم ينكرون المنكر.
      فقد سَطَّرتُ هذا الكتاب ناقلاً فيه الأدلة الشرعية على حُرمة الخروج على الحاكم المسلم وإن جار وظلم من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة الأعلام وعلماء أهل السنة إلى يومنا هذا، سائلاً المولى
 Uأن يتقبله مني .

‌    قال الله تعالى: ] وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً[  ]الأنفال آية 25[. ففي هذه الآية تحذير من الفتن، التي تعُم المباشر لها وغيره، فقال أبو الفداء بن كثير يُحذر تعالى عبادهُ المؤمنين "فتنة" أي اختباراًَ ومحنة يعُم بها المُسيء وغيره.
    وقال النبي r: ] سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ [  (متفق عليه).
فهذا تحذير من نبينا r أنها ستكون فتنٌ، والنـاسُ فيها ستكون على درجاتٍِ كل واحد منهم أهون خطراً وشراً ممن فوقه.
    فالدخول في المظاهرات من الفتن، والمظاهرات مستوردة من أعداء الإسلام ( اليهود – والنصارى) فحالنا هذا وصفه لنا النبي
r في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي ّt قَالَ: قَالَ رَسُـولُ اللّهِr  ] لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ ألْيَهُودُ وَالنّصَارَىَ؟ قَالَ فَمَنْ [[ البخاري، ومسلم [.
    ومن العجيب!! أن أصحاب المظاهرات ظنوا أنهم سيقضون على ظلم الحاكم وجوره بالمظاهرات، فحصل من جرَّاء ذلك ما حصل من سفك الدماء، ونهب الأموال، واستباحة الأعراض، وتخريب البلاد، وزعزعة الأمن، ونشر الفوضى.
        ومن العجيب ومما يضحك الثكلى أنهم يسمونها (( المظاهرات السلمية )) !! وأيُّ سِلْم وقد سُفِكَت الدِمـاء؟! وأيُّ سِلْم وقد نُهِبَت الأمْوَال؟! وأيُّ سِلْم وقد فتحنا الباب ليَحتل العدو أرضنا وينهب ثرواتنا؟!، وأيُّ سِلْم وقد تجرأ المحكوم على حاكمه وعَرَّضَ نَفْسهُ لِبطش الحاكم؟!.
    قال الإمام أحمد رحمه الله: ]لا يُتعرّضُ للسلطان فإنّ سيفهُ مسلول [ ] جامع العلوم والحكم 2/248 -249  [ .   
    
أتُصْلَحُ أوضاع الناس بسفك دمائهم ؟؟ فخير شاهد على فساد المظاهرات هو ناتج ما حصل في تونس ومصر وليبيا من مظاهرات، ومن قبلهم الجزائر، لقد ذهبت بسببها في ليبيا ألوف الأرواح، وجرح بسببها الألوف، وتشريد الآلاف إلى خارج ليبيا، وحصل بها خوف ورعب، وحصل بسببها في مصر مئات القتلى بل الآلاف، ووقع تخريب وتدمير وانفـلات للأمن، فلابد للمظاهرات من ثمار مُرة، والله هو اعلم بثمارها في المستقبل وما سيعقبها .
    ولأننا مؤمنون، فقد أمَرَنَا الله بالرجوع إلى كتابه وسنّة نبيّه r عند التنازع والاختلاف، فالمسألة ليست فوضى أو تحكيما للرأي و الهوى كما هو الشأن مع غير المؤمن، فقد خاطبنا ربُّنا بقوله تعالى:  ]فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُـولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُـونَ بِاللّهِ وَالْيَـوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [، واللافت للانتـباه أنّ قبلها قوله تعـالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [.] 59النساء[.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: نزلت الآية في الرعـية من الجيوش وغـيرهم، عليهم أن يطيعوا ولاة الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك، إلا أن يأمروا بمعصية الله، فإذا أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.]السياسة الشرعية[.
    قال ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في كتاب رياض الصالحين الجزء الثالث باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصـية وتحريم طاعتهم في معصية الله، ثم استدل لذلك بقوله:  ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [
ذكر أهل العلم أن ولاة الأمور، قسمان: (العلماء والأمراء) ..
أما العلماء:
 فهم ولاة أمور المسلمين في بيان الشرع، وتعليم الشرع، وهداية الخلق إلى الحق، فهم ولاة أمور في هذا الجانب، وأما الأمراء: فهم ولاة الأمـور في ضـبط الأمـن وحماية الشـريعة وإلزام الناس بها، فصار لهم وجهة ولهـؤلاء وجهة.

    والأصـل: العلماء؛ لأن العلـماء هم الذين يبينون الشـرع ويقولون للأمراء هذا شرع الله فاعملوا به، ويلزمُ الأمراءُ بذلك، لكن الأمـراء إذا علموا الشـرع، ولا طـريق لهم إلى علم الشـرع إلا عن طـريق العلمـاء؛ نفذوه على الخلق.
والعلماء يؤثرون على من في قلبه إيمان ودين؛ لأن الذي في قلبه إيمان ودين ينصاع للعلماء ويأخذ بتوجيهاتهم وأمرهم.
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
^^^^^

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More