الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

الرد على شبهة خروج طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين

الرد على شبهة خروج طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين


الشبهة: يستدلون لخروجهم بخروج طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين.
الرَدُ عَلَى هَذه الشُّبْهَة:
    إن هذا الذي صدر من عائشـة والزبير وطلحة ن أجمعين خطأ ندموا عليه.فقالت عائشة  م: ) لوددت أني لم أسر مسيري الذي سـرت وأن لي عشرة أولاد من رسول الله r ثكلتهم كلهم مثل عبد الرحـمن بن الحارث بن هشام  وكان رجلاً شريفاً سخيّاً مريّاً ( ] أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (5/6)، وابن عساكر في «التاريخ» (62/435)[.
    قال الذهبي رحمه الله: ) تعني بالحدث: (مسيرها يوم الجمل)، فإنها ندمت ندامة كلية، وتابت من ذلك على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار -رضي الله عن الجميع ( ]«سير أعلام النبلاء» للذهبي (2/193)[.
    قال الشيخ الألباني رحمه الله: ) لا شك أن عائشة ك المخطئة لأسباب كثيرة وأدلة واضحة، ومنها ندمها على خروجها، وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها، وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور ( ]«السلسلة الصحيحة» للألباني (473)[.
    وقال أيضا: ) هناك حكمة تُروى عن عيسى عليه السلام - ولا يهمنا صحتها بقدر ما يهمنا صحة معناها - أنه وعظ الحواريين يوماً وأخبرهم بأن هناك نبياً يكون خاتم الأنبياء، وأنه سيكون بين يديه أنبياء كذبة. فقالوا له: فكيف نميّز الصادق من الكاذب؟ فأجاب بالحكمة المشار إليها، وهي قوله " من ثمارهم تعرفونهم" . فهذا الخروج وذاك الخروج - ومنه خروج عائشة رضي الله عنها - نحن نعرف حكم هذا الخروج من الثمرة، فهل الثمرة كانت مُرّة أم حلوة؟ لا شك، التاريخ الاسلامي الذي حدثنا بهذا الخروج وذاك، ينبي (= ينبأ) بأنه كان شراً، وسفكت دماء المسلمين وذهبت هدراً بدون فائدة، وبخاصة بما يتعلق بخروج السيدة عائشة. السيدة عائشة لقد ندمت على خروجها، وكانت تبكي بكاء مراً حتى يبتل خمارها، وتتمنى أنها لم تكن خرجت ذلك الخروج. وهناك نكتة (= طرفة) قرأتها في بعض الكتب – ولا يهمني الآن أيضاً صحة السند – أنه بلغها أن خلافاً نشب بين عبيد لها وعبيد لشخص آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتهيأت للخروج فسألها قريب لها: "إلى أين يا أم المؤمنين؟"، قالت: "للنظر في الخلاف الذي نشب بين هؤلاء وهؤلاء بخصوص بغلة ادعاها كل من الفريقين". قال لها: "يا أم المؤمنين، ألا يكفينا وقعة الناقة، حتى تثيري لنا وقعة البغلة من جديد" ( هنا يضحك الشيخ والسائل ). الشاهد، الاحتجاج بمثل هذا الخروج، أولاً هذا حجة عليهم ،لأنه لم يكن منه فائدة. ثانياً، لماذا نتمسك بخروج سعيد بن جبير ولا نتمسك بعدم خروج كبار الصحابة الذين كانوا في عهده، كابن عمر وغيره، ثم تتابع قدماء السلف كلهم بعدم الخروج عن الحاكم. اذاً، هناك خروجان: خروج فكري، وهذا أخطر، وخروج عملي، وهذا ثمرة للأول. فلا يجوز مثل هذا الخروج، والأدلة التي ذكرتَها آنفاً فهي طبعاً عليهم وليست لهم (.
وعن ابن أبي عتيق قال: )  قالت عائشة إذا مر ابن عمر فأرونيه فلما مر ابن عمر قالوا: هذا ابن عمر، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد غلب عليك، وظننت أنك لا تخالفينه -يعني ابن الزبير-. قالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت ( ]« أخرجه ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1/275) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (31/110).)[.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بنقله عنهم قال: ) وكذلك عائشة ك  ندمت على مسيرها إلى البصرة، وكانت إذا ذكرته تبكي حتى تبل خمارها، وكذلك طلحة ندم على ما ظن من تفريطه في نصر عثمان وعلى غير ذلك، والزبير ندم على مسيره يوم الجمل ( ]«منهاج السنة النبوية» -6/129)[.
    وقال أيضا: ) فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الصلح بين المسلمين ،وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تَبُلّ خمارها، وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، وندم طلحة والزبير وعلي ن أجمعين، ولم يكن ليوم الجمل قصد لهؤلاء قصد في الاقتتال ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم ن أجمعين ( .أ.هـ] في منهاج السنة (4/170)[.
    وقال أيضا: ) الصحابة كانوا أفضل قرون الأُمة، فهم أعرف القرون بالله وأشدهم له خشية، وكانوا أقوَّم الناس بالتوبة في حياته وبعد مماته؛ فمن ذكر ما عِيِِبَ عليهم ولم يذكر توبتهم التي بها رفع الله درجتهم كان ظالمًا لهم ..... والزبير ندم على مسيره يوم الجمل.فالصحابة الذين شاركوا في هذه الفتنة لم يحمدوا ما فعلوه من القتال وندموا عليه، ومعلوم أن الندامة شرط من شروط التوبة، والتوبة لا تكون إلا من معصية فكيف يحتج هؤلاء بأمور قد تاب منها أصحابها وأظهروا الندامة عليها فهذا من الإفلاس والضلال..وكذلك عائشة  م ندمت على مسيرها إلى البصرة وكانت إذا ذكرته تبكي حتى تبل خمارها  ( ]«منهاج السنة النبوية» لابن تيمية (6/ 207، 208)[.
    وعن أبي بكرة قال: ) لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله r أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال: لما بلغ رسول الله r أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»( ]أخرجه البخاري (4163)[.
    وقال أيضاً: ) وعليّ ط في آخر الأمر تبين له أن المصلحة في ترك القتال أعظم منها في فعله ( ]«منهاج السنة النبوية» لابن تيمية(4/535)[.
    قال أبو الحسن الأشعري- رحمه الله-: ) فأما ما جرى من عليّ والزبير وعائشة ن  فإنما كان على تأويل واجتهاد، وكلهم من أهل الاجتهاد، وقد شهد لهم النبي r بالجنة والشهادة، فدلَّ على أنهم كلهم كانوا على حقٍ في اجتهادهم، وكذلك ما جرى بين سيدنا علي ومعاوية ب ، فدل على تأويل واجتهاد، وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين، وقد أثنى الله ورسولهr  عليهم، وتعبَّدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم، والتبرؤ من كل من ينتقص أحدًا منهم ( ]«الإبانة عن أصول الديانة» لأبي الحسن الأشعري (1/94)[.
    قال ابن المبارك رحمه الله: ) السيف الذي وقع بين الصحابة فتنة، ولا أقول لأحد منهم هو مفتون ( ]«سير أعلام النبلاء» للذهبي (8/405)[.
    قال ابن حجر: ) وكلهم- أي الصحابة - متأول مأجور إن شاء الله بخلاف من جاء بعدهم ممن قاتل على طلب الدنيا( ]« فتح الباري » لابن حجر (13/43)[.
    قال أبو سعيد الخدري لما سُئل عما وقع بين علي وطلحة والزبير:) أقوام سبقت لهم سوابق وأصابتهم فتنة فردوا أمرهم إلى الله ( ]أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (37790) ونعيم بن حماد في «الفتن» (183)[.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: وعليٌّ ط لم يُقاتل أحداً على إمامة من قاتله، ولا قاتل أحداً على إمامته نفسه، ولا ادعى أحد قط في زمن خلافته أنه أحق بالإمامة منه، لا عائشة ولا طلحة ولا الزبير ولا معاوية وأصحابه، ولا الخوارج، بل كل الأمة كانوا معترفين بفضل علي وسابقته بعد قتل عثمان، و أنه لم يبق في الصحابة من يماثله في زمن خلافته. (المنهاج6/328).
    قال الحسن بن علي: ) لَوَدَّ عَلِيٌّ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَا عَمِلَ، وَلَوَدَّ عَمَّارٌ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَا عَمِلَ، وَلَوَدَّ طَلْحَةُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَا عَمِلَ، وَلَوَدَّ الزُّبَيْرُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَا عَمِلَ ، هَبَطُوا عَلَى قَوْمٍ مُتَوَشِّحِي مَصَاحِفِهِمْ، أَهْلِ آخِرَةٍ، فَسَيَّفُوا بَيْنَهُمْ(  ]أخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (170)[.
موقف عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- من هذه الفتنة:
عن بن أبي مليكة قال: ) قال عبد الله بن عمرو: ما لي ولصفين، ما لي ولقتال المسلمين، لوددت أني مت قبله بعشر سنين، أما والله على ذلك ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم ( ]أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (4/266)[.
والخلاصة: أن من يستدل بخروج هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، يُقال له كيف تستدل بفعل قوم ندموا على فعلهم، وتترك قول النبي r وقول الصحابة والتابعين، فتذكر قول النبي r في عمار بن ياسر ل حينما قال: ) ويح عمار تقتله الفئة الباغية، عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار ( ] أخرجه البخاري (2657) ومسلم (7506).[.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More